A A A
ياسر أيوب

ياسر ايوب

فى شهر يوليو ٢٠٢٢.. وفى الدقائق الأخيرة من مباراة الاتحاد السكندرى وسيراميكا.. فوجئ الجميع بأحمد يحيى حارس مرمى الاتحاد يجرى خارجًا من الملعب باكيًا بعد إهانته من بعض جماهير ناديه.. وتوقف اللعب وأحاط كثيرون بأحمد يحاولون قدر استطاعتهم تجفيف دموعه ومساندته حتى لا يستسلم لجروح القلب والنفس.. فقد لعب أحمد المباراة بعد ٤٨ ساعة على وفاة شقيقه احترامًا لطلب ناديه.. وحين توالت أهداف سيراميكا فى مرماه ولم يكن وحده المسؤول عنها.اضافة اعلان



بدأ بعض الجماهير يسخرون منه وتوالت إهاناتهم لأحمد الذى ظل يحاول التماسك والتجاهل حتى جرت الدموع وكانت لحظة الانفجار والانهيار.. وفى يناير ٢٠٢٥.. انتهت مباراة الإسماعيلى ومودرن فيوتشر بالتعادل.. وفوجئ حمد إبراهيم المدير الفنى للإسماعيلى بأحد مشجعى النادى يسب والدته المتوفاة.. فلم يملك إلا أن يجلس وحيدا فى الملعب بعد انصراف الجميع مستسلمًا لنوبة بكاء قاس وحزين.


وفى الحالة الأولى لم يحاول أحمد الرد بأى شكل على من شتموه وأهانوه.. ولم يقم أحمد بأى رد فعل سوى أن شاور للمشجع الذى شتم والدته بيده فوق رأسه دون أن ينطق بكلمة واحدة.. فقسوة الدموع فى تلك اللحظات تمنع الإنسان من أى رد مكتفيًا بمحاولة لملمة جروحه التى كأنها انفتحت كلها فجأة.. وبالتأكيد لا يعرف أو يدرك من قاموا بذلك قسوة ما قالوه.. لا يعرفون أن كلمة واحدة قد تكون أخطر من رصاصة فى القلب أو خنجر فى الظهر.


كلمة قد تحيل الإنسان فى لحظة واحدة لكومة أوجاع ودموع.. وبالتأكيد أيضا لا تتشابه كل الدموع.. فهناك دموع طبيعية وضرورية للمحافظة على العين وغسلها وإبقائها لامعة.. وهى التى تفرزها غدد خاصة أعلى العين طيلة العمر بمقدار يتراوح من ٦٥ إلى ١١٣ لتر كل سنة.. وتتكون من ماء وصوديوم وكلورايد وبوتاسيوم وزيوت دهنية وكالسيوم وماغنسيوم و١٥٠٠ نوع من البروتين.


ودموع أخرى بسبب تأثيرات خارجية مثل تقطيع البصل بسبب حمض السالفونيك والروائح النفاذة والعطور القوية والأضواء الساطعة وغبار ومواد التنظيف وعند القىء وقراءة حروف صغيرة أو القراءة لفترات طويلة.. وهناك دموع الفرح والمفاجأة.. وأيضا دموع الحزن والألم والاكتئاب والضغوط النفسية وانفجار مشاعر وتراكم انفعالات.. وأثبت الطب أن البكاء يقلل إحساس الألم أو الصدمة والحزن.

وهناك مقولة خاطئة شائعة تصف الدموع الكاذبة بأنها دموع التماسيح التى لا تبكى ولا تملك دموعًا.. فقد أثبتت دراسة علمية فى ٢٠٠٧ أن التماسيح تبكى أيضًا.. مثلما تبكى أيضا معظم الحيوانات لكنها لا تعرف دموع المشاعر والانفعال التى لا يعرفها إلا الإنسان مثل أحمد يحيى وحمد إبراهيم.