** لم أتحدث مع مصطفى شوبير، ولم أتحدث مع أحمد شوبير، وهذا المقال قد يبدو خاصا بحارس الأهلى الشاب، لكنه فى الواقع، مقال يجسد حالة ظاهرة فى حياتنا وفى أنشطة مختلفة ومتنوعة، يمضى فيها الابن على طريق أبيه، فيظل سنوات مطالبا بأن يثبت أنه هو وليس الأب، وأنه لم يطرق باب نفس المهنة أو المجال بدفع الأب، قد يكون مدفوعا بنجاح الأب، فلماذا لا يسعى ويتعب من أجل تكرار النجاح؟
اضافة اعلان
** إنها رحلة شدية الصعوبة، وطريق ملىء بالمخاطر، الطريق مازال طويلا جدا، ويحتاج على عمل مستمر وصبر. وهكذا كنت أدرك قدر معاناة حارس مرمى الأهلى منذ أصبح لاعبا بالفريق الأول بالنادى الأهلى. فهو نجل حارس الفريق الشهير، وهو مطالب بأن يثبت لنفسه ولجمهور النادى أنه يملك من المهارات والقدرات ما يؤهله لحراسة مرمى الفريق.
** لكن الضغوط على مصطفى شوبير هائلة، فهناك ضغط أنه نجل أحمد شوبير، وهناك ضغط وجود حارس مرمى عملاق، وهو محمد الشناوى، وهناك ضغط اسم الأهلى وتاريخه وبطولاته وشعبيته، وهناك ضغط جمهور الأهلى الذى لا يجامل، ولا يوائم، وهناك ضغط مواقع التواصل الاجتماعى التى تخرج بآراء حرة من أى حسابات، وتنتقد وتحتفل، وتغضب وتفرح، وتطلق النار، وتسلط النور. وعلى مصطفى شوبير أن يتحمل كل هذا وأكثر منه مثل كل لاعب يشق طريقه.
** أعرف جيدا معنى أن تكون ابنا لأب مشهور، حقق نجاحات كبيرة فى مجاله، وعليك كابن أن تثبت أنك لا تلعب فى جلباب أبيك، ولو لم يكن مصطفى شوبير واثقا من نفسه ويملك عقلية المحترف، لما نال شهادة النجومية فى بعض المباريات التى شارك بها، حتى حدث تحول كبير فى تقييم جمهور الأهلى لحارس مرماه، وهو تقييم صادق، ولا يحمل شبهة مجاملة على الإطلاق. كما أن النادى الكبير صاحب التاريخ لن يسمح أبدا بالمجاملة وبالخواطر بضم لاعب للفريق الأول. إن كرة القدم مثل كل نشاط إنسانى تحكمه المهارة والموهبة، والعطاء، والجدية. فلا وساطة فى الفن، ولا الموسيقى، ولا الأدب، ولا الصحافة، ولا الغناء.
** بمنتهى الصدق، كنت أشفق على مصطفى شوبير إزاء ما تعرض له من نقد لمجرد أنه ابن أحمد شوبير. وكنت أدرك أن عليه أن يقاتل ويناضل كى يفوز بقبول جمهور الأهلى، وكذلك جماهير اللعبة التى تمنح صك النجومية الثمين لمن يستحقها، دون مجاملة، ولذلك أكتب اليوم متحررا من شبهة المجاملة، لأن الشاهد على كفاءة مصطفى شوبير هو الجمهور. لكن حارس الأهلى الشاب عليه أن يحقق رصيدا كبيرا عند جمهور الأهلى كى يشفع له هذا الرصيد عند الأخطاء، فلا يوجد حارس لا يقع فى الخطأ ولا يوجد لاعب لا يخطئ. وهذا يعنى أن أمام مصطفى شوبير طريقا صعبا جدا وطويلا جدا، وعليه أن يشتغل بجد كى يلعب بجد، وأن يصبر، وأن يدرك أن كل مباراة اختبار خاص، فمن هم مثله مروا بنفس الظروف، فكان ميدانهم مثل ميدان الفروسية، كله حواجز متنوعة وصعبة، وكل عمل وكل تصرف وكل واجب بمثابة اختبار شديد الصعوبة..
نقلاً عن جريدة الشروق