** هى لعبة قديمة، وخبيثة، فهل تمنع اللجنة الأوليمبية الدولية الرياضيين الإسرائيليين من المشاركة فى دورة باريس، لأن جيش الاحتلال يمارس جرائم حرب يومية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وقتل وأصاب آلاف ودمر البنية التحتية، من محطات طاقة ومياه، ويمارس حرب تجويع، ويقتل الصحفيين، والأطباء، ويمارس أبشع صور الإيذاء الجسدى؟ سؤال طويل وإجابته قصيرة جدا وهى: لا..لن تمنعهم!
اضافة اعلان
** سنوات وسنوات، ونحن نردد «لا سياسة فى الرياضة». ونحن عائدة على العالم كله. فهو الذى رفع الشعار الجميل، ولكنه أول من مزق الشعار وألقى به على أقرب نقطة أرض. وفى تاريخ الرياضة وفى كرة القدم الكثير من السياسة. وموقف اللجنة الأوليمبية الدولية الأخير بشأن حرمان الرياضيين الروس المشاركين فى دورة باريس القادمة، هو قرار كله سياسة، ويكشف صورة أخرى من ازدواجية المعايير، وقد أصبح استخدام «ازدواجية المعايير» مستهلكا، وغير ذى معنى من فرط ترديده بلا جدوى
** معروف أن اللجنة الأوليمبية قررت منذ حرب روسيا «أو العملية العسكرية» كما يسميها الرئيس بوتين، قررت اللجنة حرمان روسيا من المشاركة فى ألعاب باريس، وهذا ليس جديدا، لكن الجديد هو حرمان الرياضيين الروس وكذلك من بيلاروسيا من السير فى طابور الافتتاح، ولو تحت العلم الأوليمبى.
** من باب الكرم الأوليمبى سمحت اللجنة الأوليمبية الدولية للرياضيين الروس والبيلاروس بمشاهدة حفل الافتتاح من على ضفاف نهر السين، حيث سيقام طابور العرض الأوليمبى فى 26 يوليو المقبل على قوارب فى النهر، وليس فى استاد. والطريف أن اللجنة الأوليمبية الدولية تتهم روسيا الآن بالقيام «بمحاولة ساخرة لتسييس الرياضة» من خلال دورة ألعاب الصداقة التى تستعد لاستضافتها الصيف القادم فى نفس توقيت ألعاب باريس، وطالبت جميع الأطراف المعنية لعدم المشاركة فيها أو دعمها.
وقالت اللجنة: «خلافا للمبادئ الأساسية للميثاق الأولمبى وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تعتزم الحكومة الروسية تنظيم فعاليات رياضية ذات دوافع سياسية بحتة فى روسيا».
** السياسة تطل دائما على الرياضة منذ أمد التاريخ، واستخدم حكام ونظم حكم الرياضة فى السياسة، وقبل سنوات قال الكاتب الأمريكى سيون كوبر فى نيويورك تايمز: «كرة القدم ظاهرة.. لها مدلولها السياسى وهى رمز للفوضى ولحكم الأقلية وهى تؤدى إلى إسقاط سياسيين وانتخاب رؤساء وتحدد الطريقة التى يفكر بها الناس تجاه بلادهم».
وقال: «فى عام 1986 اشترى الملياردير ورئيس الوزراء الإيطالى سيلفيو بيرلسكونى نادى إيه سى ميلان وأسس بيرلسكونى حزبه السياسى «فورزا إيطاليا» وهو شعار كروى يعنى إلى الأمام يا إيطاليا وأطلق على مرشحى الحزب اسم الزرق وهو نفس ما يطلق على لاعبى المنتخب الإيطالى».
** واستخدم هتلر الرياضة واستخدم موسولينى كرة القدم، فى دورة برلين 1936، وفى كأس العالم 1934. وفى ألمانيا عام 1941 خسر المنتخب أمام سويسرا 1\2 فى مباراة لكرة القدم أقيمت بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد هتلر فأمر جوبلز وزير إعلامه بعدم إقامة مباريات رياضية عندما تكون النتيجة مشكوك فيها، وكان ذلك هو المستحيل بعينه فمن أسباب سحر كرة القدم هو الشك فى نتائجها؟!
** السياسة موجودة فى الرياضة. ولكنها مثل الشعرة الخبيثة المجنونة، تظهر وتختفى، ثم تختفى وتظهر. وهناك مئات الحكايات فى التاريخ والحاضر، فمن ينسى مثلا أن المُهاجم أنور الغازى حين فسخ نادى ماينتس عقده فى نوفمبر الماضى لأنه انتقد حرب إسرائيل على غزة، ومثله كان الكثير من الرياضيين الذين رفضوا هذه الحرب وانتقدوها، وقد كان أنور الغازى محقا حين قال: «إن خسارة مصدر رزقى لا تُقارَن بالجحيم الذى يعيشه الأبرياء فى غزة».
** لا توجد ازدواجية معايير. بل لا توجد معايير ولا ضمير أصلا فيما يسمى بالمجتمع الدولى.