A A A
خالد الهواري

خالد الهواري

حين ننظر إلى ما قدّمه محمد صلاح الموسم الماضي، ندرك سريعًا أن الحديث عن الأحقية ليس جدلًا عاطفيًا، بل حقيقة تستند إلى أرقام صارخة: 57 مساهمة تهديفية في 52 مباراة، متفوقًا على كل منافسيه. قاد ليفربول للفوز بالدوري الإنجليزي، البطولة الأصعب والأقوى، وكان هدافها وأفضل لاعبيها، محطمًا الأرقام التاريخية واحدة تلو الأخرى.اضافة اعلان

حتى الخصوم اعترفوا. النجم البرازيلي كاسيميرو قالها بوضوح: «محمد صلاح هو الأحق بالكرة الذهبية، إنه اللاعب الأكثر توازنًا في العالم». لم يكن تصريحًا عاطفيًا، بل توصيفًا دقيقًا للاعب يجمع بين تسجيل الأهداف وصناعتها، ويقدّم الأداء الثابت موسمًا بعد آخر.

الغريب أن الجائزة في سنوات مضت حُسمت بناءً على الأداء الفردي، حتى لو لم يحقق اللاعب إنجازات جماعية كبيرة. لكن عندما تفوق صلاح على الجميع بالأرقام، تغيّرت المعايير فجأة، ليُحرم من التتويج. فهل المشكلة في الأرقام؟ أم في الاسم والجنسية؟

لا يمكن إغفال أن لاعبًا عربيًا يحمل اسم «محمد صلاح حامد محروس غالي»، قادم من قرية بسيطة في مصر، يواجه صعوبة مضاعفة في منافسة أسماء أوروبية ولاتينية محاطة بدعم سياسي وتسويقي ضخم. وهنا يبرز السؤال: لو كان اسمه «صلاحينيو» وولد في لندن أو باريس أو واشنطن أو حتى في بيونس آيرس، ألم يكن ليتوّج منذ سنوات؟

بعد نهاية حقبة ميسي ورونالدو، تراجع كثيرون وسقط آخرون، لكن محمد صلاح ظل وحده يحافظ على أرقامه الخرافية لسبع سنوات متتالية في أقوى دوري في العالم. لم تهزه الإصابات، ولم يتأثر بالضغط، بل واصل التألق وكسر الأرقام عامًا بعد عام. ومع ذلك، ظل بعيدًا عن المنصة الذهبية.

الظلم الذي تعرض له صلاح لا يمسّه وحده، بل يضع الجائزة نفسها في موضع التساؤل. ما قيمة الكرة الذهبية إن كانت تُمنح وفق اعتبارات الهوية والانتماء، لا وفق العدالة الكروية؟ وما جدوى الاحتفال بها إن كانت تغض الطرف عن الأفضل لمجرد أنه لا ينتمي إلى «النادي المغلق» للأبطال التقليديين؟

محمد صلاح لم يحتج للكرة الذهبية ليصبح أسطورة. يكفي أنه أصبح مصدر إلهام لجيل كامل، ونموذجًا للاستمرارية والعزيمة والالتزام. قد يُحرم من التتويج، لكن التاريخ سيذكره باعتباره الأفضل، واللاعب الذي صرخ في وجه المعايير المزدوجة: «أنا الأحق.. حتى وإن تجاهلتم ذلك».