بعد الأداء المتواضع للأهلي أمس الأول أمام مودرن سبورت في المباراة التي جمعتهما في مفتتح الدوري وانتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لكل فريق سادت حالة من الترقب والحذر لدى الجماهير الحمراء التي أمسى يدور في أذهانها هذا التساؤل:هل الأهلي بحاجة إلى مراجعة فنية عاجلة؟.
اضافة اعلان
حقيقة في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها عالم كرة القدم، لم تعد مقولة "الأهلي لا يُحاسب بالقطعة" صالحة للتطبيق في عصر الاحتراف، حيث بات التقييم الفني ضرورة ملحّة تُبنى على الأداء والمردود، لا على الشعارات أو الولاء العاطفي.
ومن الطبيعي أن يواجه أي مدرب تحديات في بداية مشواره، وأن يتعرض الفريق لبعض التعثرات، سواء بالتعادل أو الخسارة. لكن هذا يصبح مقبولًا فقط إذا كان المدرب يُظهر بصمة فنية واضحة، ويقود الفريق بأسلوب تكتيكي متطور، يُبشّر بمستقبل واعد.
غير أن الواقع الفني في الأهلي على يد ربيرو يطرح علامات استفهام كثيرة. فنحن نتحدث عن مدرب يتولى قيادة أحد أقوى الفرق في القارة الإفريقية، يمتلك مجموعة من أفضل اللاعبين على مستوى القارة، ومع ذلك خرج الفريق من بطولة كأس العالم للأندية دون أي إنجاز يُذكر.
في تلك المرحلة، تم التماس العذر للمدرب البرتغالي، باعتباره قد جاء لقلعة التتش في ظروف صعبة، ولم يُمنح الوقت الكافي للتأقلم.
لكن بعد خوض معسكر إعدادي كامل بتونس، ولعب خمس مباريات ودية، لم يعد من المنطقي أن يُقال إن المدرب "ما زال يتعرف على اللاعبين".
هذا الطرح يُثير القلق، خاصة في ظل غياب أي مؤشرات فنية على تطور الأداء أو وضوح الرؤية التكتيكية. فالمباريات الرسمية بلغت أربعًا، والمجمل العام تسع مباريات، وهو رقم كافٍ لتكوين تصور واضح عن هوية الفريق تحت قيادة المدرب الجديد.
ومن الناحية الفنية، يُلاحظ غياب التناغم بين خطوط الفريق، وتكرار الأخطاء الدفاعية، فضلاً عن ضعف التحولات الهجومية، وعدم استغلال القدرات الفردية للاعبين بالشكل الأمثل.
وهنا تبرز إشكالية جوهرية: هل المشكلة في جودة اللاعبين؟ أم في قدرة المدرب على توظيفهم؟.
الواقع يُشير إلى أن المدرب لم ينجح حتى الآن في تقديم إضافة فنية حقيقية، رغم امتلاكه أدوات النجاح وانه يسير بعقلية كولر في أيامه الأخيرة.
وما يزيد الأمر تعقيدًا هو استمرار مجلس الإدارة في تأجيل التقييم، والاكتفاء بعبارة "نُحاسب المدرب في نهاية الموسم"، وهي سياسة أثبتت فشلها في مواسم سابقة، وأدت إلى خسارة بطولات كانت في متناول اليد بسبب التسويف في إقصاء كولر.
أثارت تصريحات المدير الفني للنادي الأهلي، ريبيرو، عقب المباراة الأخيرة، جدلًا واسعًا في الأوساط الرياضية، إذ اعتبر التعادل نتيجة إيجابية رغم الأداء المتواضع، وهو ما لا يتسق مع طموحات نادٍ بحجم الأهلي، ولا يليق بفريق يمتلك أدوات التفوق الفني والبشري.
من الناحية التكتيكية، بدا واضحًا أن ريبيرو لم يقرأ المباراة بالشكل الصحيح. التشكيل الأساسي افتقر إلى التوازن، والتغييرات التي أجراها خلال اللقاء لم تضف أي حلول فنية، بل زادت من ارتباك المنظومة. هذا رغم امتلاكه مجموعة من أفضل اللاعبين في الدوري المصري، وجميعهم دوليون يتمتعون بخبرة كبيرة على المستويين المحلي والقاري.
الفرق المنافسة، كما يدرك المدربون أصحاب الخبرة أمثال عماد النحاس، تلجأ إلى اللعب الدفاعي أمام الأهلي، نظرًا لقوة عناصره الهجومية. ومع ذلك، لم يستطع ريبيرو استغلال هذا المعطى، وفشل في توظيف لاعبيه بالشكل الأمثل، خاصة في ظل غياب الضغط الهجومي من الخصم، الذي كان أقصى طموحه الخروج بأقل خسائر ممكنة.
من الناحية الفنية، كان من الضروري الدفع بأليو ديانغ في وسط الملعب، لما يمتلكه من قدرات دفاعية وهجومية تضمن السيطرة على منطقة العمليات، وتمنح الفريق ديناميكية أكبر في التحول من الدفاع إلى الهجوم.
أما على مستوى النتائج، فقد حصل فريق مجدي عبدالعاطي على نقطة ثمينة لم تكن في الحسبان، وهو ما يعكس حجم الإخفاق في إدارة المباراة من قبل الجهاز الفني للأهلي.
وإذا كانت هذه هي ملامح الأداء في الدوري المحلي، فإن القلق يتضاعف بشأن قدرة الفريق على المنافسة في دوري أبطال إفريقيا، حيث تتطلب المواجهات هناك قراءة دقيقة، وتوظيفًا مثاليًا للقدرات، ومرونة تكتيكية عالية.
لذا فمن وجهة نظري أن الأزمة الحالية لا تتعلق فقط بنتائج المباريات، بل في ضياع شخصية الأهلي الفنية، وهيبته التاريخية التي لطالما كانت تُرعب الخصوم.
ولا يُعقل أن يستمر النادي في دوامة اختيار مدربين لا يليقون بحجمه، في وقت تنجح فيه أندية محدودة الموارد في التعاقد مع مدربين أكفاء يحققون نتائج مبهرة.
ولعل أهم الحلول المقترحة تكمن فيما يلي.
أولًا، ضرورة تشكيل لجنة فنية مستقلة تضم خبراء من أبناء النادي، تكون مهمتها تقييم الأداء الفني بشكل دوري، بعيدًا عن المجاملات الإدارية.
ثانيًا: إذا ثبت أن المدرب الحالي خلال المباراتين القادمتين لا يُقدم الإضافة المرجوة، فيجب اتخاذ قرار حاسم بإقالته، والتعاقد مع مدرب يمتلك خبرة إفريقية ورؤية تكتيكية واضحة وياحبذا يسند الأمر لرنيه فايلر.
مع الاستعانة بالكابتن عماد النحاس لعلمه بقدرات لاعبي فريقه ونجاحه العام الماضي في حسم لقب الدوري.
ثالثًا، الاستثمار في أبناء الأهلي من أصحاب الكفاءة التدريبية، مثل عماد النحاس، الذين أثبتوا جدارتهم في قيادة فرق وتحقيق بطولات، مع دعمهم بجهاز فني متكامل.
وفي النهاية، يبقى الأهلي نادٍ عظيم، لا يليق به إلا مدرب بحجم طموحاته، وقادر على إعادة بناء شخصية الفريق داخل الملعب، قبل أن يُفكر في حصد البطولات.
ولله در القائل:
لَا تَطْلُبِ الفوز مِمَّنْ لَيْسَ يَعْرِفُه
*أَوْ تَسْأَلِ الدرعَ كهلاً ضاعَ في أَثَرِ
لاَ يُرْتَـجَى المَـاءُ مِنْ بِئْرٍمُعَـطَّلَــةٍ
*أَوْ يُجْتَبى بطلٌ مِنْ فاقدِ النَّظر