الميدالية التى غابت أهم من الميدالية التى جاءت.. والبحث عن أسباب الخسارة لابد أن يسبق الاحتفال بالانتصار.. والفوز بالبطولة لا يعنى عدم الالتفات للمنافسين وتحليل أدائهم ومتابعة تطور نتائجهم.. والطريق الأسرع والأقرب للقمة هو المصارحة حتى لو كانت موجعة وقاسية.. والذين يريدون البقاء وسط الكبار لا يحتفلون بالفوز على الصغار.. وكل هذه دروس يمكن تعلمها من متابعة بطولة العالم للألعاب المائية التى استضافتها سنغافورة مؤخرا وكيف تعاملت كل دولة مع نتائجها ونتائج غيرها.. ففى مسابقات السباحة على سبيل المثال.. تصدرت الولايات المتحدة الترتيب بتسع ميداليات ذهبية لتصبح المرة الثانية عشرة التى يفوز فيها الأمريكيون فى آخر ١٣ بطولة عالم للسباحة.. وكان ذلك يعنى- وفقا لتقاليد ومفاهيم الجالسين فوق رصيف الأيام ينتظرون أى نجاح تأتى به الصدفة- أن تقيم السباحة الأمريكية احتفالات صاخبة وتطلب التكريم فى البيت الأبيض.. لكن مسؤولى السباحة الأمريكية كانوا مشغولين بشىء آخر، هو فوز اللاعبات بثمانى من تسع ميداليات ذهبية، مما يعنى أن سباحى أمريكا لم يفوزوا إلا بذهبية واحدة فقط، وهم الذين كانوا نجوم اللعبة عالميًا وأوليمبيًا.. وانشغل الأمريكيون أيضا بما بدأت تحققه سباحة أستراليا..
اضافة اعلان
ففى دورة باريس الأوليمبية سبقت الولايات المتحدة أستراليا بميدالية ذهبية واحدة.. وبنفس الفارق كانت النتيجة فى بطولة العالم فى سنغافورة.. وشعر الأمريكيون بالتهديد الأسترالى وقرروا إعادة حساباتهم قبل لوس أنجلوس.. والأستراليون أيضا لم يفرحوا بالمركز الثانى، إنما يطمحون فى الوصول قريبا للقمة.. ولم يلتفت الصينيون كثيرا إلى أنهم لا يزالون أسياد العالم فى الغطس واحتكروا القمة الأوليمبية للعبة فى آخر ١٠ دورات أوليمبية وفى بطولات العالم أيضا.. وفازوا فى سنغافورة بتسع ميداليات ذهبية، وبعدهم أستراليا بميداليتين فقط.. لكن انشغل الصينيون بعجزهم عن التقدم فى السباحة التى فازوا فيها بذهبيتين فقط، تماما مثل دورة باريس الماضية، وقرروا تعديل خططهم استعدادا للوس أنجلوس.. وفازت اليونان بكرة الماء، وألمانيا بسباحة المياه المفتوحة..
وفى الترتيب الإجمالى لكل الألعاب المائية.. تصدرت الصين البطولة، تليها أستراليا، ثم الولايات المتحدة، ثم روسيا، ثم ألمانيا.. واحتلت تونس المركز الحادى عشر بميداليتين ذهبيتين فى السباحة لتسبق فى الترتيب بلدانا مثل اليابان والمجر وإنجلترا وجنوب إفريقيا وهولندا.. وأعود لدول القمة وحسابات ما بعد بطولة العالم.. وكيف انشغلت بمراجعة أسباب الخسائر أكثر من الاحتفال بميداليات الانتصار.. وكيف تعاملت كأن دورة لوس أنجلوس ستبدأ بعد ثلاثة أسابيع وليس بعد ثلاث سنوات.. ووسط كل ذلك لم يذكر أحد اسم رئيس لجنة أوليمبية أو اتحاد سباحة، لأنهم يتعاملون مع مؤسسات وليس مع أشخاص.