لوتشانو سباليتى هو أى وزير يغادر وزارته.. أى رئيس شركة وهيئة وبنك يترك منصبه.. أى رئيس تحرير يضطر لتسليم جريته لشخص آخر.. أى قائد ومسؤول وموظف تتم إقالته.. نفس الإحساس بالمرارة والفراغ والميل للسكوت والعزلة والاكتئاب.. زحام أسماء ووجوه ذاب فى لحظات وباب لا يطرقه أحد وتليفون صامت لم يكن يكف عن الرنين.
اضافة اعلان
وقليلون من هؤلاء هم الذين مثل سباليتى يستعيدون بسرعة هدوءهم وتوازنهم وينتصرون على أوجاعهم وأحزانهم.. ولم يلق سباليتى كلاعب كرة إيطالى من إقليم توسكانى نفس النجاح الذى عرفه كمدير فنى لأندية إيطالية كبرى مثل إنتر ميلان وروما الذى فاز معه بكأس إيطاليا مرتين متتاليتين ونابولى الذى فاز مع سباليتى بالدورى.. وفى الأول من سبتمبر 2023 أصبح سباليتى المدير الفنى للمنتخب الإيطالى.
وفى نهاية هذا العام اختاره الفيفا كثانى أفضل مدير فنى فى العالم بعد جوارديولا.. وفى بطولة أمم أوروبا 2024 التى شاركت فيها إيطاليا وهى بطلة أوروبا 2020.. وبعد الفوز على ألبانيا والتعادل مع كرواتيا والخسارة أمام إسبانيا.. تأهلت إيطاليا لدور الـ 16 لتلقى هزيمة مفاجئة وقاسية بهدفين أمام سويسرا.. ورغم ذلك تمسك ببقائه رئيس الاتحاد جابرييل جرافينا بأمل التأهل لمونديال 2026 بعد صدمة العجز عن التأهل لمونديال 2018 ثم 2022.. لكن هزيمة إيطاليا فى أولى مبارياتها امام النرويج فى 8 يونيو الماضى أجبرت الاتحاد الإيطالى على إقالة سباليتى.
نقلا عن «المصري اليوم»
ولم يشعر سباليتى فقط بالحزن والإهانة لكنه تخيل نهاية حياته كلها.. لم يعد يستطيع النوم عاجزا عن نسيان إقالته التى وصفها بجرح فى القلب لن يشفى منه أبدا.. واستسلم سباليتى مؤقتا للاكتئاب واختار الغياب حتى أيام قليلة مضت.. وعاد سباليتى هذا الأسبوع فقط وأشاد بجاتوزو الذى تولى بعده قيادة المنتخب الإيطالى وتمنى له النجاح فى التأهل للمونديال المقبل.. وأشاد بمن تولوا بعده قيادة نابولى أو إنتر ميلان.. وبدا سباليتى كأنه أخيرا عاد للحياة من جديد بعد أربعة أشهر من المعاناة تعلم خلالها الكثير من الدروس أهمها أن المناصب ليست دائمة ويستحقون الشفقة والرثاء هؤلاء الذين يستمدون قوتهم فقط من مناصبهم.
وتعلم سباليتى أيضا الدرس الذى أبدا لا يتعلمه كثيرون فى كل مكان أو هؤلاء الذين يتخيلون أنه لابد من بقائهم وإلا سينهار برحيلهم كل شىء.. فالمنتخب الإيطالى لا يزال يلعب وينتصر ويحلم رغم رحيل سباليتى.. والأندية التى تركها سباليتى لعبت وفازت لأن الحياة ستمضى ولن يوقفها أبدا رحيل أو غياب أى أحد.. وبهذه الدروس عاد سباليتى عارفًا أن قوة الإنسان هى إنسانيته واستغناؤه وليست سلطته أو مناصبه.