من شاهد مباراة أمس بين المارد الأحمر والجيش الملكي يجزم يقيناً بأنها لم تكن مجرد مباراة كرة قدم، بل بدت وكأنها مسرحية مكتوبة بعناية، تتحرك فيها خيوط التحكيم والجماهير كعرائس على خشبة مسرح، بينما يقف الأهلي شامخًا ليُثبت أن شخصيته لا تموت مهما كانت الظروف. أحداث المباراة تجاوزت حدود المنافسة الرياضية لتكشف عن تربصات مدبرة وظروف غير عادلة، لكنها في الوقت نفسه أبرزت روح الأهلي ورجولة لاعبيه تحت قيادة مدربه توروب.
اضافة اعلان
أولاً: مشاهد الفوضى والتربص
1-الجماهير المغربية لم تتوقف عن الشتم والاستهجان، وكأن المباراة معركة حربية لا منافسة رياضية.
2- بعد هدف الجيش الملكي، اتجه لاعبو الفريق نحو المدرجات ليحتفلوا مع جماهيرهم، لتُلقى عليهم هواتف بغرض التصوير، في مشهد غريب وكأنه تقليد متفق عليه مسبقًا.
3- عقب هدف الأهلي، افتعل لاعبو الجيش الملكي أزمة مفتعلة لإرهاب الكتيبة الحمراء، وتعرض تريزيجيه لمقذوفات وزجاجات أجبرت الفريق على التمركز في وسط الملعب.
4- أجواء المباراة ازدادت توترًا مع إشعال الشماريخ بكثافة واستخدام الليزر بشكل أربك تركيز لاعبي الأهلي، خاصة في الكرات الثابتة.
5- الحكم الليبي الشلماني تخلى عن الحيادية، متجاهلًا التدخلات العنيفة ضد لاعبي الأهلي، واحتسب ضربة جزاء مثيرة للجدل لعلمه المسبق بعدم الاستعانة بتقنية الفيديو في دوري المجموعات ما زاد من شعور الفريق بالظلم.
6-الجماهير ألقت أكثر من كرة داخل الملعب لإجهاض هجمات الأهلي، في مشهد عبثي لا يحدث حتى في بطولات رمضانية شعبية.
ثانياً: التحليل الفني لأداء الأهلي بقيادة توروب
رغم الظروف غير الطبيعية، حاول توروب إدارة المباراة بواقعية وهدوء. واتضح ذلك في الشواهد التالية:
1-التمركز الدفاعي: حيث أعاد تنظيم الفريق ليتمركز في وسط الملعب حفاظًا على سلامة اللاعبين وتقليل المخاطر.
2- التحولات الهجومية: فقد اعتمد على سرعة تريزيجيه وزيزو في المرتدات، لكن الضغط الجماهيري والليزر حدّا من دقة اللمسة الأخيرة. 3- الوسط الميداني: أظهر ديانغ ومروان عطية انضباطًا تكتيكيًا في افتكاك الكرات، لكن القرارات التحكيمية قلّلت من فاعليتهم. وكان التغيير الأبرز هو إشراكه لمحمد علي بن رمضان بديلاً لديانح مما أسهم في صناعة الهجمة التي سجل منها هدف التعادل.
4- الروح القتالية: فقد أيقظ المدرب في لاعبيه روح الحماسة الكامنة فيهم فحافظ اللاعبون على هدوئهم النسبي رغم الاستفزازات، وهو ما يُحسب لتوروب الذي شدد على الانضباط النفسي قبل المباراة.
5-التغييرات الهجومية: تأخر المدرب في إجراء تغييرات مؤثرة، ربما بسبب خوفه من فقدان التوازن الدفاعي وسط الأجواء المشحونة. ثالثاً: الأهلي شخصية تعود من بعيد.
فالأهلي لعب أمام فريق لم يخسر سوى مباراة واحدة طوال الموسم، في واحد من أصعب الملاعب الإفريقية، وسط أجواء جماهيرية مرعبة وظروف تحكيمية قاسية. ومع ذلك، عاد في الشوط الثاني وسجل هدف التعادل من فكرة تكتيكية مدروسة، ليخرج متصدرًا مجموعته برصيد 4 نقاط. هذا أيها ادقارئ العزيز ليس مجرد رقم، بل شهادة على أن الأهلي يمتلك شخصية البطل الذي يعرف كيف يحافظ على مكانته حتى في أصعب الظروف.
وهكذا من خلال ما حدث خلال المباراة لا يمكن اعتبارها مجرد "أحداث عابرة"، بل هي مؤشر خطير على غياب العدالة الرياضية في بعض الملاعب الإفريقية.
كما أن المباراة أثبتت أن الأهلي بقيادة مدربه توروب، أظهر شجاعة في مواجهة الظروف، لكن يبقى السؤال: هل يمكن لكرة القدم الإفريقية أن تزدهر في بيئة يسيطر عليها التربص والفوضى عبر مسرح العرائس التحكيمي؟ إن استمرار هذه المشاهد دون عقوبات رادعة يسيء إلى سمعة القارة ويجعل من شعار "اللعب النظيف" مجرد كلمات بلا معنى.