A A A
ياسر أيوب

ياسر ايوب

أجمل وأهم ما فى هذه الحكاية هو أنها تجسيد واضح وحقيقى لكرة القدم كما يفهمها ويُديرها العالم حولنا بعيدًا عن أى حسابات تُفسدها الرومانسية المُبالَغ فيها.. فلم يعد هذا العالم يرى النادى مدينًا لأى لاعب أحرز له أهدافًا وأسهم فى فوزه ببطولات وألقاب.. أو أن من حق اللاعب فرض شروط وطلب المزيد من المال، حتى لو لم يعد شابًّا ولم يعد يملك ما كان فى الماضى.اضافة اعلان
وبهذه القواعد تم التعاقد الجديد بين ريال مدريد والنجم الكبير لوكا مودريتش.. فقد أصرت إدارة الريال على التعاقد لمدة عام واحد فقط مع مودريتش، الذى تجاوز من العمر 38 سنة.. وقررت الإدارة تخفيض ما يتقاضاه مودريتش، الذى كان حتى وقت قريب من أعلى اللاعبين أجرًا فى الريال.. وصارحت الإدارة مودريتش بأنه لن يكون أساسيًّا فى الموسم الجديد، وسيلعب كبديل، ولن يشارك فى كل المباريات.

ولم تهتز الإدارة أو يتغير موقفها، وتمسكت بشروطها رغم العروض التى تلقاها مودريتش للانتقال سواء للسعودية أو الولايات المتحدة.. ومن ناحيته.. وافق مودريتش على كل ذلك فى اللقاء الذى جمعه بفلورنتينو بيريز، رئيس النادى، والرئيس التنفيذى، خوسيه أنخيل سانشيز.. لم يقل لهما إنه يلعب للريال منذ 14 سنة، وارتدى قميصه فى أكثر من 500 مباراة، وأسهم فى فوزه بـ26 بطولة.
لم يتهم الإدارة بالجحود ونكران الجميل وسوء معاملة نجم كبير ساعد بموهبته وأهدافه فى فوز الريال أكثر من مرة بدورى وكأس إسبانيا ودورى أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية.. لم يطلب احترام تاريخه وعطائه، ولم يفكر فى اللجوء إلى الصحافة أو يغازل جمهور الريال للضغط على الإدارة.. وأصبح من الواضح تمامًا أن الطرفين يعرف كل منهما حدوده وحقوقه أيضًا.. فإدارة الريال مهتمة بالمحافظة على كل ما تحقق من بطولات وألقاب.

وتلتفت دائمًا للمستقبل وليس الماضى.. وتعرف أن مودريتش لم يكن يلعب للريال مجانًا إنما تقاضى الكثير جدًّا من المال، وكان ذلك حقه تمامًا طالما بقى قادرًا على العطاء والمشاركة فى صنع بطولة وانتصار، لكن ليس من حقه أن يطلب مزيدًا من المال أو حتى نفس الأجر حين لم يعد هو نفس النجم القديم.. أما مودريتش فقد كان يعرف أيضًا أنه اقترب من نهايته فى الملاعب.

وأنه لم ولن يستطيع إيقاف الزمن، وأن حمله بقميص الريال كؤوس البطولات الكبرى أو فوزه يومًا ما بلقب اللاعب الأفضل فى العالم أصبح كل ذلك ذكرى ليست مطروحة على مائدة المفاوضات.. الأمر الوحيد الذى طلبه مودريتش واستجابت له إدارة الريال كان الاحتفاظ بالقميص رقم 10، الذى كان يريده نجم الريال الجديد مبابى.