ساخن جدا موسم انتقالات اللاعبين هذا الموسم . الأسعار لا يمكن تخيلها ، كما أنها لا تعكس بأى حال مستوى المنتج الكروي عندنا . ثمة تلاعب فى السوق ونشاط كبير للسماسرة ووكلاء اللاعبين وتجار الانتقالات والعاملين عليها وعمولات وخلافه وراء الارتفاع الجنونى فى الأسعار ..
اضافة اعلان
موسم بعد آخر ، تقفز الأسعار ويتراجع المستوى الفنى وتشتعل المنافسة .. وتمتلئ الجيوب !
ومن أبرز ظواهر ميركاتو اللاعبين هذا الموسم ما زاد الحديث عنه من عدم تطابق القيم المالية المسجلة فى عقود بعض اللاعبين مع ما يتردد فعليا فيما يفسر بأنه نوع من الاحتيال الضريبي ، وهى عملية نعرف أنها حاليا تحت المتابعة والتحقق والتحقيق من جانب الجهات المسؤولة بالدولة حفاظا على حق المجتمع واستجلاء الحقائق دحضا للشائعات وحفظا لحقوق كل الأطراف وقبلها حق البلد . فلننتظر ؛ حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ..
غير أن اللافت هذا الموسم فى سويقة ( هى فعلا سويقة !) عندما تجد نفسك مدفوعا لشراء إبنك .. إبنك الذى علمته وكبرته ورعيته ثم تركته مجانا إلى حال سبيله .. والآن وبعد فترة ليست بطويلة تضطر لشرائه وبالملايين ..والمحايلة كمان !!
يحدث هذا فى الأهلى والزمالك .. وربما فى كثير من الأندية . حكاية تحتاج وقفة للتأمل والتفسير .. والعلاج
الأهلى وهو يواجه أزمة عجز فى الظهير الأيسر وبعد رحيل على معلول استغنى عن يحي عطية الله ثم أعار كريم الدبيس ليعيد شراء إبنه محمد شكرى من ناى سيراميكا كليوباترا . شكرى من أبناء قطاع الناشئين فى الأهلى وقضى فيه عمره متدرجا بين فرقه وعندما ضاق به الفريق الأول تم الاستغناء عنه وأثبت وجوده وكفاءته فى ناد آخر ليعود الأهلى ويشتريه بعدة ملايين وبعض المعارين ..
وهذا ما حدث فى الزمالك الذى قدم كل الاغراءات بالملايين لمدافعه السابق ياسين مرعى الذى تربي فى الزمالك ناشئا ثم تركه إلى فاركو وسعى نحوه بإلحاح ، لكن مرعى فضل الانتقال للأهلى كما حدث من قبل مع حالات كثيرة مماثلة ..
ظاهرة قد تحمل فى ظاهرها ادانة للنظام الكروي هنا وهناك ، لكنها وهى معيبة وتحتاج لعلاج ،فهى الحقيقة تأتى نتيجة لعدة أسباب منطقية :
أولا ..اللاعب لدينا يمر بفترات ومراحل من التطور فى مستواه تارة وتراجع تارات أخرى .. لا ثبات على مستوى واحد كما أن المؤثرات العامة فى مسار اللاعب كثيرة .. شخصيا ورياضيا . وعندما ينتقل لناد آخر قد تتفجر دوافعه ويفيق لنفسه أو يتأثر ايجابا بالمناخ الجديد ويستجمع قواه ويحرج من تركوه .. مش هو ده اللى كان هنا من سنتين !
وثانيا.. ربما يكون النادى مضطرا لترك هذا اللاعب عند بلوغه سن القيد (٢١ سنة ) نظرا لانشغال مركزه بلاعبين كبار وجاهزين فى الخبرة والقدرات التنافسية مع فريق بطولة يحتاج للفوز دائما واستخدام الأقدر والأجهز ، لا يصبر على صاعد لأنه لا يصبر أحد على الفريق ..
ثالثا .. عندما تتغير خريطة الفريق ويعتزل أو يبتعد بعض ذوى الخبرة يكون لاعبنا السابق قد اكتسب خبرات كافية وساعات لعب تؤهله لشغل مكان كان فى السابق محالا .. ما فيش مشكلة ..
وفى الحقيقة ، ودون مصادرة على حق هذا النادى أو ذاك فى انتقاء وضم الأفضل لسد الفراغ ودعم الصفوف ، فإن هذا النادى أو ذاك يمكن أن يوفر هذه الملايين التى ينفقها فى التوسع فى شراء اللاعبين خاصة من أبناء النادى نفسه ، لو توفر نوع من العمل الاستراتيجى فى الربط بين الفريق الأول وقطاع الناشئين بالنادى الواحد ..
مثلا ؛ لو أنه فى المركز الواحد بالملعب لدينا لاعبان من ذوى الخبرة والكفاءة والجاهزية ، فلابد من أن يكون لدينا لاعب ثالث صاعد يكتسب الخبرة والتجهيز من خلال التدرب مع الفريق الأول والصقل والتجهيز لمرحلة ينتقل بعدها ليكون هو البديل الثانى ثم الأول وقتما تسمح الظروف على أن يقدم قطاع الناشئين المد المستمر بلاعب ثالث ورابع لكل مركز. بالملعب وفى تحرك استراتيجى يوفر للنادى الملايين من الجنيهات التى تنفق عدة مرات على لاعبين فى فرق الناشئين ثم يتم الاستغناء عنهم واعادة شرائهم بملايين أخرى فيما بعد ..
نعم ، الفرق الكبيرة تحتاج لعناصر خبرة جاهزة لكن هذا أيضا يمكن توفيره وتدبيره بشئ من التنظيم الاستراتيجى والربط الحقيقي بين الفريق الأول وقطاع الشباب الذى يمكن من خلاله تدبير احتياجات الفريق الأول ومنع العجز المفاجئ والجرى يمينا وشمالا بحثا واستجداء للاعبين كانوا من قبل غير مرغوب فيهم ..
قطاع الشباب يمكن أن يتقب مدربوه على أفضل العناصر فى الأقاليم وهم يحتاجون بالضرورة لمسابقات جادة وقوية ولمدربين بتولون العمل فى هذا القطاع من ذوى الخبرة والكفاءة والعين القادرة على الفرز والانتقاء وتقديم أفضل العناصر ..
وهنا كحل بدبل لا نجد فى فكرة الاعارة حلا شافعا وكافيا ، فكثير من اللاعبين عندما يخرجون من ناديهم الكبير لفريق أقل شهرة ومكانة وتنظيما يفتقدون الدوافع والقدرة على معايشة الواقع الجديد الأقل قيمة ودافعية ، وكما نجحت بعض تجارب الاعارات فشلت حالات أكثر واختفي كثير من الموهوبين وتاهوا بين الملاعب ..
بجد ؛ الكرة المصرية فى مجملها مريضة بشئ من غياب التنظيم والفكر الاستراتيجى .. وربنا يقومها بالسلامة !!