A A A
ابراهيم المنيسي

لا جديد في هذا المستنقع الذى يبدو وكأنه "بركة الفوضي" التي يعوم فوقها الإعلام الرياضي خاصة في شقه الفضائي والتي انتهت باشتباكات بالأيدي وخناقات حامية علي شاشات الفضائيات آخر الليل، فما حدث ليس إلا نتيجة وثمرة مرة، غرس الكثيرون شجرتها، وسقوها لسنوات طوال، خاصة فيما يتعلق باهمال القائمين علي الشأن الإعلامي - إن وجدوا- لدور ورسالة ومحددات عمل المعلق الرياضي علي مباريات الكرة بالخصوص. اضافة اعلان

وفي الحقيقة لم تكن تستوقفني خطورة ودور المعلق حتي جمعتني جلسة مطولة مع صديق العمر د. عمار علي حسن وهو إلي جانب عمله البحثي والصحفي مهتم اكاديميا بالاجتماع السياسي وكل ما يتعلق بالظواهر المجتمعية المؤثرة في حياة وحركة الشعوب، وفاجأني عمار بمتابعته الدقيقة لتفاصيل «بركة الفوضي» الرياضية هذه قائلا: لا أحد ينتبه منكم لخطورة دور المعلق الرياضي علي المباريات.. هو يقوم بتلقين مشاهديه بكل ما يريد من معان ومفاهيم، وهم في غالبيتهم من البسطاء ومحدودي الثقافة والتعليم، ولذا فإن تمرير أي قيم وتلقيحهم بها عن طريق «التلقيح» بالكلمات امرسهل وبسيط ومؤثر ، ولاحظ أن الجماهير كمتلق لرسائل المعلق تكون دائما مشدودة الاعصاب ومهيأة لاستقبال أي رسائل بكل اصغاء وانتباه، من هنا فإن د. عمار علي حسن الحاصل علي الدكتوراه في فكر ونهج الجماعات الدينية لا يستبعد أبدا اعتماد البعض علي تمرير معانيه وقيمه ورسائله عبر ميكروفون المعلق الرياضي فهو هنا ،كما يراه، أهم وأخطر ربما من خطيب الجمعة أو الواعظ الذي قد يتشكك المتلقي وهو جالس أمامه في أهدافه ومعتقداته وثقافته وهو يلقي وعظه.

ومن ثم لا يكون تأثير رسالته بالقدر الذي عليه المتلقي في مباريات الكرة لكلمات المعلق والذي يمرر إليه مع الكرة مجرد كلمة أو معني يكفي في حد ذاته لدي هؤلاء لتوصيل رسالة أو توجيه ما. كلام عمار اعادني وبعض الأصدقاء الجالسين من أبناء المهنة ودرب الدراسة الطويل، إلي الدرس الأول لنا بكلية الإعلام حين كان استاذ الاجيال د. خليل صابات رحمه الله يؤكد دوما علي أن مشاعر المتلقي

وحالته الذهنية ومستواه الثقافي هي أهم ما يحدد درجة تأثره بالرسالة التي يتلقاها، حتي من دون عناء كاف من المرسل. الأمر جد خطير، ولو كان لنا درس من «بركة الفوضي» الحالية في الإعلام الرياضي هذه فهو لابد وأن يكون بشأن المعلق الرياضي.. دوره ومحدداته واشتراطاته ومتابعته وتقييمه قبل أن نسلمه الميكروفون ومعه أدمغة الملايين، ..وفاكرينها مجرد كورة يا عبطا!