A A A
حسن المستكاوي

حسن المستكاوي

** فازت الصين بذهبية السباحة الإيقاعية الإكروباتية وجاءت الولايات المتحدة ثانية، ثم إسبانيا ثالثة. وكانت عروض الفرق الثلاثة مبتكرة وفيها الكثير من الإبداع. حين أعلنت النتيجة قدمت بطلات الصين وأمريكا درسا آخر من دروس الألعاب الأولمبية والإنسانية. حيث تعانقت سباحات الصين وسباحات أمريكا فى مشهد يرسخ فكرة أن الألعاب الأولمبية هى أكبر حركة سلام عرفتها البشرية. وهذا المشهد متكرر فى كل نزال وكل منافسة. احترام المهزوم لانتصار الفائز. عناق ومحبة وتقدير وإعجاب بالإبداع. (على فكرة تلك تسمى روح رياضية لمن لا يعرف، ولمن يخاطبون الرأى العام بوصف المباريات حروبا، ومؤامرة، وغشا وخداعا، ومهزوما مأزوما مغدورا به..) متى يفيق هؤلاء ويفهمون الرياضة والمنافسة والإنسانية والروح الرياضية؟!اضافة اعلان

** كل بطل وبطلة فى الألعاب الأولمبية أو على مستوى بطولات العالم يعيش قدرا هائلا من المعاناة فى التدريب الشاق، ويحرم من مباهج الحياة ويلتزم بأسلوب وروتين يومى لا يمكن الخروج عنه سواء فى ساعات التدريب، وساعات النوم، ووجبات الطعام. فلا إسراف فى أى شىء يمكن أن يفسد الطريق إلى القمة، وتلك القمة دائرتها واسعة ولا تقتصر على الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية كما يقرن الكثير من المتفرجين البطولة بميدالية فى تلك الألعاب.

** إن سباحات مسابقة السباحة الإيقاعية يتدربن بمعدل 40 ساعة فى الأسبوع على السباحة والجمباز والمرونة واليوجا والروتين التنافسى بالإضافة إلى رفع الأثقال. ويتضمن الروتين ثلاث دقائق تحت الماء، تحبس خلالها الأنفاس وعادة يبدأ التدريب فى الساعة 8 صباحًا فى صالة الألعاب الرياضية، مع مدرب القوة واللياقة البدنية. وبعد ساعة ونصف، يذهبن مباشرة إلى المسبح حتى الساعة 5 مساءً كل يوم، ولك أن تتخيل قدر المشقة فى التدريب. وكل حركة فى السباحة الإيقاعية لها درجة مرتبطة بالصعوبة تمامًا مثل الجمباز.

** ولاعبات السباحة الإيقاعية يرتدين أزياء تشتت الانتباه عن مدى صعوبة تلك الرياضة. حيث يجب أن تكون اللياقة البدنية عالية، ومرنة وقوية وهن يرسمن ابتسامة مزيفة، ولابد منها لأن تلك الابتسامة تعد جزءا من المنافسة، إذ ترسل إلى الحكام والجمهور رسالة تقول إن كل لاعبة فرحة ومرحة وسعيدة بهذا الرقص والغطس فوق الماء وتحت الماء. وتلك الابتسامة تخفى حجم المعاناة وحجم الألم.

** تقترب الألعاب الأولمبية من نهايتها، وسنفقد متعة مشاهدة الرياضة، ومتعة الإبداع الحركى والابتكار والخيال، ومتعة الكفاح والنضال، ومتعة تلك العلاقة الفريدة بين الفرس وبين الفرس. ومتعة تنوع المائدة الأولمبية، ومتعة لقاء آلاف البشر من دول مختلفة وجنسيات مختلفة وديانات مختلفة وألوان مختلفة، ومع ذلك يلعبون ويتنافسون ويبدعون، ويمرحون، وسط جماهير تهتف تغنى على أصوات الموسيقى فى بهجة لا نراها فى ملاعبنا التى تتحول فى بعض الأحيان إلى ميادين حروب، وميادين تعصب، وميادين كراهية، خالية تماما من الابتسام لأن الرياضة أصبحت ألما؟!