A A A
ياسر أيوب

ياسر ايوب

فى الأيام القليلة الماضية، لم تنتصر الرياضة المصرية وحدها فى تونس، إنما انتصرت معها أيضا الجغرافيا والتاريخ.. ولم يخسر منافسون أفارقة وحدهم، لكن خسر معهم مصريون لا يزالون حتى الآن يرفضون تمييز لعبتى رفع الأثقال والمصارعة عن ألعاب أخرى كثيرة لم ولن تقدم لمصر ما قدمته هاتان اللعبتان من بطولات وميداليات عالمية وأوليمبية.اضافة اعلان

وهذه ليست مطلقًا دعوة للحرب أو إهمال تلك الألعاب التى بالتأكيد لها ضرورتها واحترامها، لكنها رفض لفكرة المساواة فى الإنفاق والاهتمام بين ألعاب مؤهلة للفوز وأخرى لا تستطيع ذلك.. فالعالم حولنا تخلى منذ وقت طويل عن رومانسية البارون دى كوبرتان حين بدأ الدورات الأوليمبية رافعًا شعار أن المشاركة هى الهدف الحقيقى للرياضة وليس الفوز.

وكانت اللجنة الأوليمبية الدولية سنين طويلة تطرد أى رياضى يتلقى مكافأة مالية أو هدية أو جائزة حين يفوز بأى ميدالية أو بطولة.. وتغير الزمن ولم تعد هناك هواية، وأصبح إعداد وتجهيز الرياضى للمشاركة أو المنافسة يتطلب الكثير جدا من المال.. وتزامن ذلك مع بداية الحرب الباردة عقب الحرب العالمية الثانية التى جعلت من أى ميدالية أو بطولة رياضية انتصارًا قوميًا مهمًا وضروريًا لأى دولة فى العالم، وليس للأمريكيين والسوفيت وحديهما.

فباتت أى دولة تراجع قواها الرياضية لتحدد الألعاب التى تستحق الإنفاق عليها والاهتمام بها فى انتظار البطولة والانتصار. ووسط ذلك كله، ظلت مصر من دول قليلة جدا فى العالم تحافظ على رومانسية «كوبرتان»، التى تجاوزها الزمن وتخطاها العالم حولنا.. وتجاهلت مصر متعمدة بحوثًا رياضية علمية أكدت أن «رفع الأثقال» و«المصارعة» هما أكثر لعبتين سيتفوق فيهما المصريون عالميًا وأوليمبيًا.

ورفضت مصر ومسؤولى لجانها الأوليمبية أن تمنح هاتين اللعبتين تحديدًا أى تمييز أو أفضلية، بل كانتا معظم الوقت فى ذيل قائمة الألعاب التى تحظى بالدعم والرعاية والاهتمام.. وبالتأكيد، كان فوز مصر منذ أيام ببطولتى إفريقيا لرفع الأثقال والمصارعة كأنه مجرد عتاب رياضى مهذب لمصر التى لم تهتم بالعلم الذى قام بتوزيع القدرات الرياضية وفقا للجغرافيا والبيئة والجينات.

وأيضا لم تحترم التاريخ الذى لا يزال يؤكد أن أكثر من نصف ميداليات مصر العالمية والأوليمبية كان لهاتين اللعبتين وحديهما.. والفوز ببطولتى إفريقيا الأخيرتين لم يكن الانتصار الأول أو الأكبر لهاتين اللعبتين. ورغم ذلك، لا يزالون يحلمون بإنصافهم رغم أنه، حتى إن تحققت مساواتهم بكثيرين فى ألعاب أخرى، فسيبقى ذلك أيضا نوعًا من الظلم لهم ولهاتين اللعبتين.