A A A
أحمد الشربيني

احمد الشربيني



 
في ليلة تتويج رفقاء قفشة بدرع الدوري العام ليس بعجيب أن يطلب كابتن الأهلي محمد الشناوي إلى زملائه عدم الاحتفال بالدرع أمس مراعاة لمشاعر الجماهير المصرية كافة  بعد فوز المنتخب المغربي الأوليمبي الشقيق المطعم بكبار محترفيه ببرونزية الأولمبياد وتغلبه على منتخبنا القومي المتواضع فنياً ومهارياً وبدنياً في مباراة من جانب واحد بنتيجة كارثية حيث سجل ستة أهداف دون رد!! اضافة اعلان
وللحقيقة فقد أزاحت تلك النكسة الكروية اللثام عن الوجه القبيح للكرة المصرية وإدارتها التي تفتقد إلى الاحترافية وأرى أن تلك المباراة قد دقت ناقوس الخطر لما سيلحق بأجيالنا المستقبلية في كرة القدم تلك الرياضة الشعبية الأولى في مصر إن لم نتداركها بالتطهير والإصلاح ومن ثم أرى أن سبب تلك الهزيمة يكمن في عدة أسباب:


1-سوء الإدارة الخططية من قبل اتحاد الكرة والقائمين عليه، تلك المنظومة التي افتقدت للرؤية العلمية المنهجية الرياضية السليمة فلم نجد عقلية تدير المنظومة بحكمة المهندس سمير زاهر أو اللواء الدهشوري حرب  بل وجدنا إدارة عشوائية تفتقد المنهجية؛ لذا ليس بمستغرب أن يزدحم جدول الدوري بمؤجلات لاحصر لها فتداخلت البطولات المحلية  وتضاربت مع البطولات القارية للأندية المصرية مما انعكس بظلاله السلبية على المنتخب ولاعبيه؛ لذا علينا أن نخطط للموسم الجديد تخطيطاً يراعي مصلحة المنتخبات القومية أولاً ثم بطولات الأندية القارية ثانياً، لتحل البطولات المحلية في ذيل الاهتمامات لأن  نداء الوطن في المحافل الدولية والمشاركات العالمية مقدم على الشعارات والانتماءات.


ولنا في الجامعة المغربية لكرة القدم (الاتحاد المغربي) أسوة وفي رئيسها فوزي القجع قدوة ذلك الرجل الذي يعمل لمصلحة بلاده على صعيد المنتخبات والبطولات القارية بكل إخلاص وتفانٍ!! 


2-تعالي بعض اللاعبين الكبار في منتخبنا الوطني وتقاعسهم عن تلبية نداء المنتخب فسفيان رحيمي وأشرف حكيمي لم يتقاعسا عن تلبية نداء منتخب المغرب؛ لحرصهما علي تحقيق ميدالية لبلديهما في حين تكبر محمد صلاح وتعالى عمر مرموش على المشاركة ضمن منتخب بلادهما ففضل الفرعون المصري المشاركة في المعسكر  الودي لناديه الإنجليزي وكذلك فعل مرموش مع ناديه الألماني وشتان مابين موقف رحيمي وحكيمي وموقف صلاح ومرموش لذا فلا عجب أن نشهد تلك النتيجة التاريخية للمنتخب المغربي؛ فقدكان الكابتن المغربي حكيمي نقطة فارقة في فوز منتخب بلاده فوزًا تاريخياً على مُنتخبنا المسكين الذي افتقد القائد ذا الخبرة في الملعب، فمتى يدرك لاعبونا المحترفون قيمة رداء منتخبنا الوطني وعزف سلامنا الجمهوري في المحافل العالمية؟!
وليتهم يترجمون دموع حكيمي بعد إحرازه الهدف السادس في شباك مصر في المقابل دموع شبابنا على دكة البدلاء إثر كل هدف تلقته شباك مرمانا!!
فشتان بين دموع الفرح والانتصار وبين دموع الخيبة والصَغار!!! 
 

3-تقاعس الأندية المصرية الكبرى عن تلبية نداء الوطن وتوفير اللاعبين المخضرمين الذين طلبهم البرازيلي ميكالي؛ فضن الأهلي بلاعبيه المتميزين كإمام عاشور ومحمد عبد المنعم وحسين الشحات بحجة احتدام المنافسة المحلية  بل حاول بيراميدز استدعاء لاعبه المميز إبراهيم عادل المنضم لصفوف المنتخب أثناء فترة الإعداد للمشاركة في الدوري بمباراة بيراميدز والاتحاد أرأيتم مدى الاستخفاف بنداء المنتخب الوطني؟!


سيقول البعض لقد لبى الزمالك النداء فأشرك زيزو ومن معه لكن الحقيقة أن موقف الزمالك في الدوري هو من أسهم في ذلك حيث فقد الفريق الأمل في مجاراة الأهلي وبيراميدز ومن ثم تطوع بتقديم ثلاثة من لاعبيه للمنتخب الأوليمبي


فكانت النتيجة المتوقعة أن حزن الجمهور المصري خاصة الأهلاوي لهزيمة المنتخب وانصرف معظمه-وأنا واحد منهم- عن مشاهدة مباراة التتويج اليوم ببطولة الدوري لإحساسة بالغصة والمرارة مَما حدث لمنتخبنا على يد المغرب نتيجة تفضيل نادي القرن مصلحته المحلية على واجباته الوطنية!!
لذا على القطبين أن يدركا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهما ولنا في جيل تريكة وعمرو زكي قدوة ومثل يحتذي لذا كان لمنتخبنا في تلك الحقبة سطوة إفريقية وسمعة قارية وشخصية كروية ومكانة عالمية. 


4-ومما يتصل بالنقطة السابقة وكنتيجة فعلية لما سبق فقد برزت بقوة مشكلة ضعف عناصر الخبرة في منتخبنا بدليل تقبل شباك منتخبنا لهدفين متتاليين بمجرد خروج زيزو مصاباً في منتصف الشوط الأول حيث كان بمثابة العقل المدبر والقلب النابض للفريق ولو ظل في الملعب لتماسكنا وتسيدنا المباراة كما بدأناها في الشوط الأول لكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن!!


لذا ليتنا نتعلم من الدرس ولا نهمل جانب الخبرة في تشكيل منتخباتنا الأوليمبية فالمغرب لم تعتمد على الشباب فقط بل دعمت الفريق بكبيري المنتخب الوطني الأول :رحيمي وحكيمي!! 


5-عدم وجود إعداد نفسي للاعبي المنتخب المصري سواء في كرة القدم أم في كافة اللعبات الجماعية خاصة كرة اليد، فقد كان منتخبنا الفائز على إسبانيا قاب قوسين أو أدنى من إقصاء المنتخب الفرنسي وسط جماهيره لكن الدقائق الأخيرة شهدت تهاوناً نفسياً وتشتتاً ذهنياً أسهم في تعادل فرنسا، ثم فوزها بثلاثة أهداف مقابل هدف في الشوطين الإضافيين وهو ما حدث بالفعل مع منتخب اليد الذي ظل متسيدًا للمباراة بفارق أربعة أهداف عن الإسبان لكن الدقائق الأخيرة أبانت عن الخطأ المتكرر للاعبينا في الأمتار الأخيرة من المباريات فتعادل الإسبان وفازوا علينا بفارق هدف واحد في الوقت الإضافي الثاني وتلك المعضلة ليست وليدة اليوم بل التاريخ يدلي بدلوه فمن قبل هزمنا في نهائي إفريقيا على يد السنغال بركلات الترجيح(٤-٢) ومن قبلها على يد الكاميرون( ٢-١) بعد أن كنا متسيدين للمباراة ومن قبلها مباراة البرازيل الشهيرة( ٤-٣ ) فأين المعد النفسي للاعبينا خاصة من حالات الطرد التي تلازمنا في الأولمبياد ففي مباراة فرنسا طُرد اللاعب المدافع عمر فايد نتيجة تلقيه الانظار الثاني ما أسهم في فوز فرنسا بالمباراة وكم حملته الجماهير نتيجة الهزيمة القاسية أمام الديوك الفرنسية، لكنهم نسوا ما ذكره تاريخنا الكروي في ربع نهائي أولمبياد لوس أنجلوس عام عندما طرد الحكم التشيلي جاستون كاسترو ثلاثة لاعبين مصريين للخشونة والاعتراض هم حمادة صدقي وعلاء نبيل ومصطفى عبده ؛ لتفوز إيطاليا على منتخبنا الأوليمبي بهدف يتيم للاعب ألدو سيرينا وتصعد للنهائيات!
لذا علينا الاستعانة بالإخصائي النفسي الدولي الدكتور إبراهيم العقاد فهو ذو باع طويل في التأهيل النفسي للرياضيين في اليابان وحول العالم وقد استعان به النادي الأهلي في أكثر من ندوة تثقيفية ومحاضرة تأهيلية لفرقه الخاصة بالناشئين فهل نتعلم من تجربة النادي الأهلي بطل القرن الذي يمثل نقطة الضوء الوحيدة لمصر في ظلمة التردي الكروي الذي يحيط بفرقها ومنتخباتها؟! 
حقيقة شاهدت اليوم الهزيمة في عيون شباب منتخبنا الأوليمبي قبل خوض مباراتهم الكارثية أمام المغرب مما يدل على فقدان التأهيل النفسي للاعبين فتذكرت روح الأهلي في رادس أمام الصفاقصي التونسي وأمام الوداد المغربي في مركب محمد الخامس وروح الزمالك أمام الترجي في كأس السوبر بالدوحة!! 


6-كما لا نغفل دور الإعلام الرياضي الذي بث روح الغرور في نفوس اللاعبين وحملهم آمالاً لا طاقة لهم بها فقد كسبنا الميدالية في أحلامنا ونفوسنا ووجداننا قبل خوض المبارايات الإقصائية، لذا على الإعلام الرياضي أن يتسم بالموضوعية والحيادية من واقع المهنية الإعلامية والواقعية الإقناعية لجماهيرنا الواعية بدلاً من التهليل والتطبيل والتهويل ثم الخنوع والدموع والدعاء بالتطهير والويل!!



7-لابديل عن المدرب المصري فالتاريخ أثبت أن مدربينا هم أبطال الحكاية وَعنوان الرواية فمن ينسى مافعله الجنرال محمود الجوهري - رحمه الله- بصعودنا لكأس العالم عام ١٩٩٠م والتعادل الإيجابي التاريخي مع هولندا بطل أوروبا آنذاك؟
ومن يغفل شوقي غريب ودوره في حصول منتخبنا على المركز الثالث في كأس العالم للشباب عام ٢٠٠١م بالأرجنتين بعد فوزه على هولندا؟


ومن ينسى حسن شحاته ودوره في فوز منتخب الشباب بكأس الأمم الإفريقية عام٢٠٠٣م ثم فوز منتخبنا القومي للكبار ببطولة كأس الأمم الإفريقية أعوام  ٢٠٠٦ و٢٠٠٨ و٢٠١٠م؟ ومن ينسى الأداء البطولي لمنتخبنا في كأس القارات بجنوب إفريقيا حيث الفوز على منتخب إيطاليا بطل العالم آنذاك؟!


فعلينا أن نعيد الثقة للمدرب الوطني على غرار المغرب التي استعانت بمدربها الوطني طارق السكتيوي وكفانا أسطوانة المدرب الأجنبي هو الحل لأننا في النهاية غالباً ما نسقط في الوحل فاليوم هزمنا ٠/٦من المغرب بقيادة  روجيرو ميكالي البرازيلي وبالأمس القريب هزم منتخبنا بقيادة تريكة من غانا في كوماسي ١/٦ بقيادة الأمريكي بوب برادلي.



8-التقليل من عدداللاعبين الأجانب في الدوري المصري لاسيما في حراسة المرمى والهجوم والاهتمام بتصعيد الناشئين لاسيما لدى القطبين الأهلي والزمالك؛ مما يرفع من كفاءة المنتخب القومي على المدى البعيد فالأهلي في حقبة جوزيه كان لديه عماد متعب والزمالك كان لديه عمر زكي ولك أن تتخيل المنتخب الوطني في عهدهما فاللاعب المحلي هو عماد المنتخب وقوامه الأساسي لا اللاعب الأجنبي وعلينا ألا نفرح بحصول لاعب غير مصري على لقب الهداف لأن ذلك يصب في صالح ناديه على الصعيد المحلي والإفريقي ويضر في ذات الوقت بمنتخبنا القومي على الأمد البعيد بدليل عدم بزوغ مهاجم محلي مميز على شاكلة حسام حسن أو عماد متعب حتى الآن؟!!!


فهل يعقل أن نادي بحجم الأهلي العريق ليس لديه مهاجم مميز سوى الفلسطيني وسام أبو علي بسبب عدم اقتناع مسؤوليه بمهاجمي قطاع الناشئين ثم تفريطه في العديد من مهاجميه المميزين مثل محمد شريف وأحمد ياسر ريان لعدم قناعة المدرب؟!!!  كذلك علينا أن نفتح باب الاحتراف أمام لاعبينا تحت السن في الأندية الأوربية لتكوين جيل احترافي قوي بمقدوره أن يدعم المنتخب الوطني في السنوات القادمة سواء على صعيد الشباب الأوليمبي أو على صعيد المنتخب القومي الأول.


وختاماً علينا أن نقدم نداء الفرق القومية على مصلحة الأندية المحلية كي لايصبح ترديدنا للنشيد الوطني مجرد كلمات جوفاء نطلقها في السماء دون أن تلامس وريد الانتماء وروح الولاء!!

ويبقى الشعر دليل العاشقين وملاذ الطامحين:
نجومٌ تولي ونسرٌ يفيض
**ويعلو السلامُ الذى لا يهيض!
ويحرزُ من قَدميه الفخار
**ويعلو الهتاف الذى لا يغيض.
لأن شباب العلا قاذفاتٌ
**ودك الشباك يداوي المريض!
أما آن يامصرُ أن تفرحي
**ولحنُ الحشود ينادي العَريض؟!
أما آن يا مصر أن تطمحي
**وحُلُم الوصولِ يحاكى المَفِيض؟!
وفي شاشنا يمدحون الغريبَ
**ويستملحون احتفاءَ القَريض!!